هل أصبحت الوظيفة شرطا في زوجة المستقبل ??!!

Woman-working-at-computer-هل أصبحت الوظيفة شرطا في زوجة المستقبل

لم تعد "الخاطبة" تنظر إلى عروس نجلها المستقبلية على أنها "كسارة لوز" أو صاحبة شعر طويل "كذيل الخيل"، بل أصبحت العروس المناسبة من وجهة نظرها تلك الحاصلة على شهادة جامعية وصاحبة "تخصص محترم".

 وكانت الخطابات قديما يصطحبن معهن حبات اللوز للتأكد من سلامة ضروس العروس، فضلا عن أنهن كن يقمن بشد خصلات شعرها كي يتيقن من أن شعرها ليس مستعارا.

بيد أن الشروط الواجب توفرها في "المخطوبة" أصبحت تتلخص اليوم في حصولها على تخصص قوي ومعدل لا يقل عن جيد جدا، كي يتسنى لها أن تحمل جزءاً من الأعباء المالية الملقاة على كاهل الزوج.

زوجة المستقبل وعلى ما يبدو ان هذه النظرة لم تعد سائدة فقط عند السيدات (الخاطبات) اللواتي يبحثن لأبنائهن عن عرائس، بل أصبحت قاعدة عند الكثير من الشبان الباحثين عن زوجة المستقبل.

وقال الشاب داود وهو موظف أمني : " الوضع الاقتصادي في غزة سيئ للغاية، وراتبي أنفقه على عائلتي طوال الشهر"، مضيفا أنه اشترط على والدته البحث عن فتاة موظفة أو خريجة ومقبلة على عمل، ليتسنى له الارتباط بها. "راتبي على راتبها يعينان على تحمل الأعباء المادية"، هكذا برر داوود موقفه، مبينا أن الخريجات والموظفات لا يرتبطن بسرعة لأنهن يمثلن كنزا ثمينا لشبان بالكاد يستطيعون إعالة أسرهم.

 وينظر البعض إلى أن حصول الفتاة على تخصص اللغة الإنجليزية مثلا، سيسهم بالحد الأدنى في تعليم الأبناء هذه اللغة الأجنبية التي ربما يصعب فهمها، وتدريسها أيضا لأشقاء الزوج.

هذه النظرة الطارئة على المجتمع الغزي عارضتها الحاجة أم يوسف في الخمسين من العمر، وقالت :"ليست كل أصابع اليد واحدة، فانا مثلا أبحث لابني عن عروس متدينة وذات خلق وجميلة، وفي نهاية المطاف أسأل عن عمرها وماذا تدرس"، مضيفة أن ابنها طالبها بالبحث عن فتاة كما يتوفر فيها الشروط التي أوصى بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ذات جمال ومال ونسب ودين، مبينة أنه يريد الظفر بذات الدين. 

بينما قال الأربعيني أبو مؤنس –العاطل عن العمل- إنه طلب من زوجته أن تبحث لابنهم البكر عن فتاة موظفة، هادفا من ذلك مساعدتهم في سد احتياجات البيت الاقتصادية في ظل الوضع المادي المتردي الذي يشهده القطاع منذ السنين الخمس الأخيرة.

 وأضاف أبو مؤنس : "طالما الارتباط بفتاة موظفة ليس بالأمر العيب أو الحرام، فلماذا لا يرتبط ابني بفتاة موظفة تساهم في تحسين وضعه المادي؟"، مشيرا إلى أنه سيزوج أولاده الأربعة على نفس المنوال أملا في حصولهم على حياة مادية أفضل.

 رأي الدين وحول رأي الشرع في هذه الظاهرة، بين الدكتور ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن بالجامعة الإسلامية أن الأصل في الإنسان أن يبحث عن الدين، وأنه في اليوم الذي سيخالف فيه الشرع الحنيف سيغرق لا محالة في وحل المشاكل الزوجية اللا متناهية.

 وفيما يتعلق بجواز السؤال بهذه الأمور من عدمه، قال:"إذا كان السؤال لغرض مشروع فهذا جائز، أما إذا كان لغرض استعبادها والاستفادة من راتبها فهذا لا يجوز ولا ينبغي التفكير في ذلك".

 وأردف قائلاً السوسي " الأصل أن تبحث الأم لابنها عن زوجة تصونه وتربي أولادها وليس عاملة، مطالبا أولياء الأمور للموظفات أن يأخذوا بالهم جيدا من تزويج بناتهم لمن يسأل عن الأمور الدنيوية كالعمل والتخصص، لأنهم يطمعون في راتبها فقط. خطأ.. بدوره، أرجع الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى، أساس السؤال عن " التخصص أو العمل" إلى الدوافع الاقتصادية، مستذكرا الزمن القديم حين كان يُسأل عن الدين والأخلاق، مصداقا لقول الرسول عليه السلام إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.

 وأضاف " نظرا لتعقد الواقع الاقتصادي اليوم، كثرت مطالب الناس المادية ونسوا أن الزواج سكن روحي أكثر مما هو رفاهية اقتصادية"، مشيرا إلى أن المواطنين انحرفوا عن هذه المفاهيم الأساسية الإسلامية إلى اختيار الزوجة على أسس ثانوية.

 وعن مدى تأثر العلاقة الزوجية المبنية على المصلحة على المجتمع، أوضح الشاعر أن الزواج على حسابات اقتصادية يتسبب غالبا في فشل كثير من العلاقات الأسرية ، معتبرا أنه من الخطأ ان يرهن الشاب ارتباطه بمعدل فتاة الجامعة أو تخصصها. وشدد على ضرورة ان يكون الدين والأخلاق هما الأساس في اختيار الزوجة المستقبلية، معيبا انحصار طموح الشباب في موظفة تعينهم على تحمل الأعباء المادية فقط دون النظر إلى وصية رسول الله هذا التحقيق للاستاذ : عبدالحميد حمدونة