"خجلها زائد عن الحد .. لم تستطع التخلص منه.. بل تزداد حدته كلما تقدم بها العمر.. أثناء دراستها الجامعية ، إذا حاول أحدهم التحدث معها يحمر وجهها وتتلعثم في الكلام ويدق قلبها ليسابق خطواتها وهي تنصرف مسرعة من أمامه.. وعندما تقدم لها ابن عمتها الطبيب، العائد لتوه من إحدى دول الخليج، بعد أن التقاها في تجمع عائلي وبعد الموافقة عليه، عاشت أياماً عصيبة وهي تحاول تحدي خجلها الزائد عن الحد ، ولكن هيهات، فكلما حادثها في الهاتف ينعقد لسانها فلا تتفوه بكلمة مما أثار المخاوف والشكوك لديه، وبخاصة أنه عندما تجرأ ومد يده ليلمس يديها انخرطت في بكاء متصل .. وبعد عقد القران أخبرها أن موعد زفافهما مرتبط بتخلصها من هذا الخجل؛ لأنه لن يتزوج من فتاة تخجل من مجرد الكلام العادي مع زوجها!! ".
هذه هي خلاصة الرسالة التي أرسلتها صاحبتها على بريدي الالكتروني منتظرة مني الرد بعد التماسه من المتخصصين.
الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس بعد أن عرضت ما سبق عليه أجاب : أن تتمتع الفتاة بالخجل فهذا شيء محمود ولا يمكن أن تلام عليه، أما أن يتحول هذا الخجل إلى مرض يسيطر عليها ويجعلها تفقد شخصيتها فهذا هو الخطر الحقيقي الذي نحذر منه.
والمسئولية هنا تقع على الأبوين اللذين يجب أن يفرقا بين التربية القائمة على العقل والحوار والتربية المرتبطة بالزجر والعقاب والتسلط والأوامر.
الحياة لا تستقيم بدون وجود علاقة مع الآخرين، ولا يعني أبداً أن تتكلم فتاة مع شاب أن تخرج بذلك عن حدود الأدب والاستقامة، والبنت عندما تكون ساذجة أو معدومة الخبرة فقد تنجرف في فترة ما إلى الخطأ دون أن تعي ذلك.
وهناك من المآسي الكثير مما نسمعه ونقرأه على صفحات الصحف ووسائل الإعلام نتيجة التربية الخاطئة. وهذا لا يعني أن يترك الأبوان لبناتهما الحبل على الغارب لكي يفعلن ما يحلو لهن ولا يعني الانغلاق التام، لأن النتيجة في الحالتين غير مرضية، وإنما لابد أن تكون هناك فلسفة واضحة في التربية وهي التوازن والتفرقة التامة بين الكلام العادي الذي يتيح الفرصة لكل طرف أن يتعرف على الآخر وأن يكون الحديث في مسائل الزواج وتكوين الأسرة عن طريق الأسرة. فإذا أراد شاب أن يتقدم لفتاة يرى فيها الزوجة المناسبة له فليكن ذلك بالاتصال المباشر بأسرتها، وهذا يكسبه المصداقية وينعكس عليها بالطمأنينة له، وتستطيع حينئذ أن تتواصل معه في حدود تبادل الحديث لا أكثر فيتعرف كل منهما على طبيعة الآخر، وشيئا فشيئا تزال الحواجز بينهما بعد أن يجمعهما عش الزوجية.
وأكد د. حفني أن الفتاة صاحبة الرسالة لم تخطيء في تصرفها مع خطيبها الذي لا يحق له أن يطلب منها ما هو أكثر من الكلام، والكلام المباح فقط، أما اللمس الذي تعقبه تنازلات أكبر فذلك مرفوض تماما شرعاً وعرفاً وتجربة.
وحينما تنتقل الفتاة الخجلى إلى شقة الزوجية سيكون الوضع مختلفا وحينئذ سيكون للزوج كافة الحقوق الزوجية وسوف تزال أية حواجز بمجرد الزفاف.
وينصح د. حفني الطرف الآخر في المشكلة ( الزوج ) فيقول : لا تتسرع في الحكم على فتاتك فلو أنها قدمت أي تنازلات لك حتى ولو لمس الأيادي فسوف يتسرب الشك إلى نفسك وفكرك فحافظ على الكنز الموجود الآن بين يديك ولا تفرط فيه فتكون من النادمين.