الطبيعة ليست كريمة مع جسم الإنسان بعد وفاته. واليوم، يتم إستبدال حدوث التحلل الطبيعي للجسم بعد الوفاة بطقوس حديثة بعد الموت، حيث يمكن إختيار تأخير عملية التحلل عن طريق تحنيط الجثة، حيث يتم إستبدال سوائل الجسم بمواد حافظة. وأحيانا يتم إختيار إحراق الجثة، حيث يتم وضع الجثة في درجة حرارة قد تصل إلي 2000 فهرنهايت لعدة ساعات حتي يتحول الجسم إلي رماد. ومعظم تلك الإختيارات يتم العمل بها عادة في الغرب.
وعلي الرغم من أن تلك الطرق قد تكون غير مقبولة، إلا أن عملية تحلل الجثة بشكل طبيعي أكثر قسوة. فحتي أن الإنسان البدائي علم أنه ينبغي أن يضع مسافة بينه وبين الأموات. ففي عام 2003، وجد علماء الأثار أدلة علي أن القدماء كانوا يدفنون موتاهم في شمال أسبانيا منذ حوالي 350000 عام.
لذا فما الذي يحدث خلال عملية تحلل الجثة؟ إليك ما يحدث بالضبط:
- إنفجار الخلايا: إن عملية تحلل الجسم تبدأ بعد دقائق من الوفاة. فعندما يتوقف القلب عن الخفقان، يختبر الجسم ما يسمي بalgor mortis أو "برد الموت"، ويحدث عندما تنخفض درجة حرارة الجسم بمعدل 1.5 فهرنهايت في الساعة حتي تصل إلي درجة حرارة الغرفة.
وتقريبا فورا، تصبح الدماء أكثر حامضية حيث يبدأ ثاني أكسيد الكربون بالتراكم. وهذا يتسبب في إنفتاح الخلايا منفجرة، ثم إفراغ الأنزيمات من الأنسجة، التي تبدأ في هضم نفسها بنفسها.
- يبدأ الجسم في التحول إلي اللون الأبيض والبنفسجي: تضع الجاذبية الأرضية بصمتها علي الجسم في اللحظات الأولي بعد الوفاة، فبينما يشحب لون باقي الجسم، تنتقل خلايا الدم الحمراء إلي أجزاء الجسم الأقرب إلي الأرض. هذا لأن الدورة الدموية قد توقفت. وتكون النتائج لطخات بنفسجية اللون علي الأجزاء السفلية من الجسم القريبة من الأرض ويعرف ذلك بlivor mortis. وفي الحقيقة يمكن بعد دراسة علامات الlivor mortis أن يحدد الطبيب الشرعي وقت الوفاة بالتحديد.
- الكالسيوم سيجعل عضلات الجسم تنقبض: قد تكون قد سمعت عن rigor mortis، حيث يتخشب جسم المتوفي ويصبح من الصعب تحريكه. وتبدأ تلك المرحلة بعد ثلاث أو أربع ساعات من الوفاة، وتصل لقمتها بعد 12 ساعة، وتتبدد بعد 48 ساعة. ولماذا يحدث ذلك؟ لأن هناك مضخات في أغشية خلايا العضلات التي تنظم الكالسيوم. وعندما تتوقف تلك المضخات عن العمل عند الوفاة يغرق الكالسيوم الخلايا، مما يجعل العضلات تنقبض وتتصلب.
- تقوم أعضاء الجسم بهضم نفسها: التعفن، أو عندما يبدأ الجسد في أن يبدو مثل أجسام الموتي الأحياء في الأفلام، وهذ يلي مرحلة الrigor mortis. ويتم تأخير تلك المرحلة من خلال عملية التحنيط، ولكن في النهاية سيستسلم الجسم. فالأنزيمات في البنكرياس تجعل الأعضاء تبدأ في هضم نفسها. وستقوم الميكروبات بالتعاون مع تلك الأنزيمات، ويتحول الجسم إلي اللون الأخضر بدء من البطن إلي الأمام. وكما كتبت كارولين ويليامز في NewScientist: " المستفيدون الأساسيون هم ضمن ال100 تريليون بكتيريا التي عاشت حياتها في تناغم معنا داخل أمعاء جسمنا." حيث تقوم تلك البكتريا بكسرنا، وتقوم بإطلاق البوتريسين والكادافيرين، وهي المركبات التي تجعل رائحة الجسم سيئة بعد الموت.
- ربما يغطي الجسم بالشمع: بعد التعفن، ينتقل العفن سريعا ليحول الجسد إلي هيكل عظمي. ومع ذلك، تتحول بعض الأجسام بشكل مثير للإنتباه في بعض الأحيان. فإذا إحتك الجسم بتربة باردة أو مياة، حيث يعمل شيء يسمي adipocere- وهي مادة دهنية شمعية تنتج من قيام البكتريا بتكسير الأنسجة، كمواد حافظة طبيعية في الأعضاء الداخلية. وقد يخدع ذلك المحققين ويجعلهم يعتقدون أن الوفاة قد تمت في وقت قريب عن وقت الوفاة الحقيقي.